English عربي



احاد الصوم الكبير
الاحد الاول
الاحد الثاني
الاحد الثالث
الاحد الرابع
الاحد الخامس
الاحد السادس


  كل عام وانتم بخير

بمناسبة الصوم الكبير 
 
  احد التناصير ( الأحد السادس ) من الصوم الكبير  
 
1 و فيما هو مجتاز راى انسانا اعمى منذ ولادته
2 فساله تلاميذه قائلين يا معلم من اخطا هذا ام ابواه حتى ولد اعمى
3 اجاب يسوع لا هذا اخطا و لا ابواه لكن لتظهر اعمال الله فيه
4 ينبغي ان اعمل اعمال الذي ارسلني ما دام نهار ياتي ليل حين لا يستطيع احد ان يعمل
5 ما دمت في العالم فانا نور العالم
6 قال هذا و تفل على الارض و صنع من التفل طينا و طلى بالطين عيني الاعمى
7 و قال له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل فمضى و اغتسل و اتى بصيرا
8 فالجيران و الذين كانوا يرونه قبلا انه كان اعمى قالوا اليس هذا هو الذي كان يجلس و يستعطي
9 اخرون قالوا هذا هو و اخرون انه يشبهه و اما هو فقال اني انا هو
10 فقالوا له كيف انفتحت عيناك
11 اجاب ذاك و قال انسان يقال له يسوع صنع طينا و طلى عيني و قال لي اذهب الى بركة سلوام و اغتسل فمضيت و اغتسلت فابصرت
12 فقالوا له اين ذاك قال لا اعلم
13 فاتوا الى الفريسيين بالذي كان قبلا اعمى
14 و كان سبت حين صنع يسوع الطين و فتح عينيه
15 فساله الفريسيون ايضا كيف ابصر فقال لهم وضع طينا على عيني و اغتسلت فانا ابصر
16 فقال قوم من الفريسيين هذا الانسان ليس من الله لانه لا يحفظ السبت اخرون قالوا كيف يقدر انسان خاطئ ان يعمل مثل هذه الايات و كان بينهم انشقاق
17 قالوا ايضا للاعمى ماذا تقول انت عنه من حيث انه فتح عينيك فقال انه نبي
18 فلم يصدق اليهود عنه انه كان اعمى فابصر حتى دعوا ابوي الذي ابصر
19 فسالوهما قائلين اهذا ابنكما الذي تقولان انه ولد اعمى فكيف يبصر الان
20 اجابهم ابواه و قالا نعلم ان هذا ابننا و انه ولد اعمى
21 و اما كيف يبصر الان فلا نعلم او من فتح عينيه فلا نعلم هو كامل السن اسالوه فهو يتكلم عن نفسه
22 قال ابواه هذا لانهما كانا يخافان من اليهود لان اليهود كانوا قد تعاهدوا انه ان اعترف احد بانه المسيح يخرج من المجمع
23 لذلك قال ابواه انه كامل السن اسالوه
24 فدعوا ثانية الانسان الذي كان اعمى و قالوا له اعط مجدا لله نحن نعلم ان هذا الانسان خاطئ
25 فاجاب ذاك و قال اخاطئ هو لست اعلم انما اعلم شيئا واحدا اني كنت اعمى و الان ابصر
26 فقالوا له ايضا ماذا صنع بك كيف فتح عينيك
27 اجابهم قد قلت لكم و لم تسمعوا لماذا تريدون ان تسمعوا ايضا العلكم انتم تريدون ان تصيروا له تلاميذ
28 فشتموه و قالوا انت تلميذ ذاك و اما نحن فاننا تلاميذ موسى
29 نحن نعلم ان موسى كلمه الله و اما هذا فما نعلم من اين هو
30 اجاب الرجل و قال لهم ان في هذا عجبا انكم لستم تعلمون من اين هو و قد فتح عيني
31 و نعلم ان الله لا يسمع للخطاة و لكن ان كان احد يتقي الله و يفعل مشيئته فلهذا يسمع
32 منذ الدهر لم يسمع ان احدا فتح عيني مولود اعمى
33 لو لم يكن هذا من الله لم يقدر ان يفعل شيئا
34 اجابوا و قالوا له في الخطايا ولدت انت بجملتك و انت تعلمنا فاخرجوه خارجا
35 فسمع يسوع انهم اخرجوه خارجا فوجده و قال له اتؤمن بابن الله
36 اجاب ذاك و قال من هو يا سيد لاومن به
37 فقال له يسوع قد رايته و الذي يتكلم معك هو هو
38 فقال اومن يا سيد و سجد له
39 فقال يسوع لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون و يعمى الذين يبصرون
40 فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين و قالوا له العلنا نحن ايضا عميان
41 قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية و لكن الان تقولون اننا نبصر فخطيتكم باقية
+ + +


أحد التـناصير  وشفاء المولود أعمى : يو 9 : 1 – 41

" وفيما هو مجتاز رأى إنسانا أعمى منذ ولادته ،

فسأله تلاميذه قائلين :

يا معلم ، من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى " يو 9 : 1 – 2

لم يذكر الأنجيلى أين كان مجتازا ، ولا إلى أين يذهب ، لكنه إذ كان مجتازا كحامل للآلام رأى هذا المولود أعمى ، وكان فقيرا يستعطى ، فى مكان معين ، حيث يقدم له بعض المحسنين عطاء لكى يعيش .

تطلع إليه ربنا يسوع لكى يجده الأعمى المسكين ، وكما جاء فى إشعياء : " أصغيت إلى الذين لم يسألوا، وجدت من الذين لم يطلبوننى . قلت هأنذا لأمة لم تسمى بأسمى " ( إش 65 : 1 ) . بادر بالحب فأحبنا قبل أن نعرفه ، وكما يقول الرسول : " عرفتم من الله " ( غلا 4 : 9 ) .

لاحظ تلاميذه أن نظرات معلمهم تتجه نحو الأعمى حبا ، فتحولت نظراتهم هم أيضا إلى المولود الأعمى ، وعوض السؤال من أجله لشفائه قدموا استفسارا عن علة ميلاده أعمى .

لما شفى السيد المسيح المفلوج ، حذره من العودة للخطية ! إلا أن هذا القول لا ينطبق على الأعمى ، لأن من مولده هو أعمى ، فهل أخطأ أبواه ؟ ولا هذا القول يجوز أن يقال ، لأن الطفل لا يتكبد العقوبة من أجل أبويه .. لقد تحدث التلاميذ هنا لا ليسألوه عن معلومات قدر ما كانوا فى حيرة .

" أجاب يسوع :

لا هذا أخطأ ولا أبواه ، لكن لتظهر أعمال الله فيه " . يو 9 : 3

عوض إدانة المولود أعمى أو والديه وجه السيد المسيح أنظار تلاميذه إلى عناية الله الفائقة وخطته الخفية ، فقد سمح بالعمى لكن يهب هذا المولود أعمى البصيرة الروحية ، ولكى يشهد للحق الإلهى أمام القيادات اليهودية العنيفة ويمجد الله .

قول السيد المسيح عن الأعمى : " لا هذا أخطأ ولا أبواه " ، ليس مبرئا لأبويه من الخطايا ، لكنه أكمل : " لكن لتظهر أعمال الله فيه " ، لأن هذا الأعمى قد أخطأ هو ووالداه ، إلا أن عماه هذا ليس بسبب هذا ، لأنه لا يجوز أن يعاقب أحد إذا أخطأ آخر .

" ينبغى أن أعمل أعمال الذى أرسلنى ما دام نهار ،

يأتى ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل ، ما دمت فى العالم فأنا نور العالم " يو 9 : 4 – 5

كانت لحظات حاسمة حين تطلع رب المجد يسوع إلى المولود أعمى ، إنها ليست لحظات لشفاء عينى المولود أعمى فحسب ، وإنما للكشف عن شخص السيد المسيح أنه نور العالم ، واهب البصيرة الداخلية .

يعمل السيد المسيح مادام الوقت نهار ، أى مادام يمكننا أن نتمتع بأعماله الخلاصية ، لأنه إذ ينتهى النهار ويحل ليل القبر لا يمكن الأنتفاع بعد بأعماله ، حيث لا مجال لتوبتنا ورجوعنا إليه ، فى نهار حياتنا يشرق علينا بكونه " نور العالم " ، شمس البر الذى ينير نفوسنا وأذهاننا وكل أعماقنا .

سبق فأعلن أن عمله هو إشراق نوره على الجالسين فى الظلمة ( يو 8 : 12 ) ،



" قال هذا وتفل على الأرض ، وصنع من التفل طينا ،

وطلى بالطين عينى الأعمى " يو 9 : 6

طريقة شفاء المولود أعمى فريدة ، فمن المعروف أن الطين يفسد العين السليمة ، فكيف يصنع من التفل طينا ليطلى به عينى المولود أعمى ؟

يؤكد السيد المسيح أنه يتمم عمله بحسب فكره الإلهى وليس حسب رغبتنا ووسائلنا البشرية ، لم ينتظر حتى يعبر السبت ، لأن السبت هو يوم الراحة ، فتستريح نفس المسيح بالعمل الإلهى واهب الأستنارة والراحة للغير .

لم يستعمل السيد المسيح ماء فى الطين الذى أصلحه ، بل استعمل لعابه ، لكى لا ينسب الشفاء إلى الينبوع ، بل لكى نعرف أن القوة الظاهرة من فمه هى التى أبدعت عينى الأعمى وفتحتهما .

" وقال له : اذهب اغتسل فى بركة سلوام الذى تفسيره مرسل ،

فمضى واغتسل وأتى بصيرا " يو 9 : 7

سلوام : وهى عبارة عن ينبوع كان تحت حصون أورشليم نحو الشرق ، كانت مياة هذا الينبوع تجمع فى مخزن عظيم لأستخدام المدينة ، وكان يصدر عنه مجرى ماء يغذى بركة بيت صيدا .

كما أن المسيح كان الصخرة الروحية ( 1 كو 10 : 4 ) هكذا كانت أيضا سلوام الروحية .

أبرز السيد المسيح طاعة هذا الأعمى ، فمن جهة ترك ربنا يسوع المسيح الذى لم يره من قبل أن يصنع طينا على عينيه دون أن يتذمر ، أو حتى يتسآل كيف تشفى عينان بالطين ؟ ومن جهة أخرى أطاع وذهب إلى بركة سلوام واغتسل فيها ، وربما سبق فاغتسل فيها ولم يتمتع بالبصر .. لقد اعلن السيد عن فضائل هذا الأعمى المسكين كيف أطاع فى يقين وثقة وهدوء .

عاد الأعمى بصيرا ، يرى ما لا يرى ، مسبحا بكل كيانه ذاك الذى وهبه الأستنارة ، وكما قيل باشعياء النبى : " صوت مراقبيك يرفعون صوتهم ، يترنمون معا لأنهم يبصرون عينا لعين عند رجوع الرب إلى صهيون " ( إش 52 : 8 ) .



حوار بين الجيران والأعمى :

" فالجيران والذين كانوا يرونه قبلا أنه كان أعمى قالوا :

أليس هذا هو الذى كان يجلس ويستعطى ؟

آخرون قالوا : هذا هو ..... وآخرون إنه يشبهه ، وأما هو فقال : إنى أنا هو " يو 9 : 8 ، 9

دهش جيرانه فقد ولد ونشأ فى وسطهم ، وها هو الآن يسير هنا وهناك متهللا ، لقد تغيرت حتى لهجته وكلماته ، فعوض كلمات الأستعطاف لكى ينال صدقة ، صارت كلماته تحمل تسبيحا وشكرا ، هذا وقد تمت معجزة شفائه علانية ‍ ولم تكن خفية ‍ ... مع هذا فقد تشكك البعض فى شخصه ، وتضاربت الأقوال ، لأن شفاء مولود أعمى أمر يصعب قبوله ، بل ومستحيل حسب الفكر البشرى .

" فقالوا له : كيف انفتحت عيناك ؟
أجاب ذاك وقال : إنسان يقال له يسوع صنع طينا وطلى عينى ،

وقال لى : اذهب إلى بركة سلوام واغتسل ، فمضيت واغتسلت ، فأبصرت " . يو 9 : 10 - 11

لقد قدم الحقيقة فى بساطة حسب خبرته فقال : " إنسان يقال له يسوع صنع طينا .. " لم يكن قد سبق فرأى يسوع لكنه سمع عنه ، وسمع صوته حين أمره أن يغتسل فى بركة سلوام ، لقد شعر بأنه وضع شيئا على عينيه اكتشف بعد شفائه أنه طين ، وأن يسوع قد صنعه بنفسه وطلى به عينيه .

" فقالوا له : أين ذاك ؟ .. قال لا أعلم " . يو 9 : 12

إن مسرة السيد المسيح هى فى العطاء المجانى دون انتظار لكلمة مديح أو شكر ، وإن عاتب على عدم الشكر فهو من أجل الآخرين ، إذ يريدهم شاكرين فرحين مسبحين كالملائكة .

حوار بين الفريسيين والأعمى :

" فأتوا إلى الفريسيين بالذى كان قبلا أعمى ،

وكان سبت حين صنع يسوع الطين وفتح عينيه ،

فسأله الفريسيون أيضا كيف أبصر .

فقال لهم : وضع طينا على عينى واغتسلت ، فأنا أبصر " يو 9 : 13 – 15

كنا نتوقع أن ينشغل الجيران بالبحث عن صانع المعجزة ليتعرفوا عليه ويتمتعوا به ، لكنهم أمسكوا بالأعمى وأتوا به إلى الفريسيين ، وكأنه مشترك فى جريمة ، قادوه كمتهم أنه قبل كسر السبت حتى ولو كان فيه خلق لعينيه ، وقدم الفريسيون ذات السؤال الذى وجهه إليه جيرانه ، ولم يكن هذا بقصد التعرف على الحقيقة من مصدرها الأصلى ، وإنما لعلهم يجدون علة يشتكون بها على شخص يسوع ، ويشوهون بها صورته أمام الجمهور الذى التف حوله .

ومع هذا لم يضطرب الأعمى ، فلم ينكر ، ولم يقل أقوالا مخالفة لأقواله الأولى ....



" فقال قوم من الفريسيين : هذا الأنسان ليس من الله ، لأنه لا يحفظ السبت ،

آخرون قالوا : كيف يقدر إنسان خاطىء أن يعمل مثل هذه الآيات ؟

وكان بينهم انشقاق " . يو 9 : 16

فى ختام كل تعليم أو معجزة غالبا ما كان يحدث انشقاق بين الجموع ، وكان المقاومون يحتكمون لدى الفريسيين كقضاة وأصحاب سلطة دينية ، أما هنا فالأنشقاق بين القضاة أنفسهم ، وربما هذا أدى إلى تأجيل الحكم فى أمر يسوع المسيح .

لقد تعمد أن يشفى مفلوج بيت حسدا فى يوم سبت ويأمره أن يحمل سريره ويمشى ( يو 5 : 8 ) ، وأن يشفى المولود أعمى بصنع الطين وطلاء عينيه ، ... لقد تعمد فعل ذلك لأبراز مفهوم السبت ، إنه راحة فى الرب ، فى ممارسة عمل الرب من حب ورحمة ، وليس فى حرفية قاتلة بالأمتناع عن الأعمال اليومية الضرورية وأعمال المحبة ..

لقد كسر السبت .. هو النور الذى جاء فأزال الظلال ، لماذا تبهجنا الظلال ؟ افتحوا أيها اليهود أعينكم ، فإن الشمس حاضرة ..

لقد فرض الرب الإله السبت ، فرضه المسيح نفسه الذى كان مع الآب عندما أعطى الناموس ، لقد فرضه كما فى ظل لما يحدث بعد ذلك : " فلا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التى هى ظل الأمور العتيدة " ( كو 2 : 16 ، 17 ) .

قالوا : " نحن نعلم " ، ماذا تعلمون أيها العميان القلب ؟ " إن هذا الأنسان ليس من الله ، لأنه لا يحفظ السبت " ......

أيها التعساء : السبت عينه هو الذى وضعه المسيح الذى تقولون عنه أنه ليس من الله ‍‍‍ ،، أنتم تحفظون السبت بطريقة جسدانية ، إنكم عميان عن الصلاح ، الذى لهذا الأعمى الذى لم يعد بعد أعمى لا بالجسد ولا بالقلب ....

قالوا أيضا للأعمى :

ماذا تقول أنت عنه من حيث أنه فتح عينيك ؟

فقال : إنه نبى " يو 9 : 17

لقد ألقوا بالشباك أمام الأعمى لكى ينكر أن يسوع هو المسيا ، حتى لا يتعرض للطرد من المجمع وربما للقتل ، ولكنه خيب آمالهم وكرم واهب الشفاء ، كان هذا الأعمى مثل المرأة السامرية ، كلاهما ظنا أنه " نبى " قبل أن يتعرفا على حقيقة شخصه أنه المسيا " قدوس القديسين " واهب البر الأبدى ، لقد بدأ النور يشرق فى قلبه ، فى بصيرته الداخلية كما أشرق فى عينيه الجسديتين ...

لاحظوا حكمة الرجل الفقير فقد تحدث بأكثر حكمة من جميعهم ، قال أولا : " انه نبى " ( 17 ) إنه لم يخش حكم اليهود ، والمعارضين الذين حكموا على يسوع بأنه لا يحفظ السبت .

حوار بين الفريسيين ووالدى الأعمى :

" فلم يصدق اليهود عنه أنه كان أعمى فأبصر ،

حتى دعوا أبوى الذى أبصر " يو 9 : 18

يقصد بكلمة " اليهود " هنا السلطات الدينية ، خاصة الفريسيين وأعضاء مجمع السنهدرين ، إنهم لم يصدقوا أنه ولد أعمى ، فاستدعوا والديه للتأكد أنه ابنهما ، وأنه ولد أعمى ، لعلهم يجدون علة بها يقللون من شأن المعجزة أمام الشعب .

" فسألوهما قائلين :

أهذا ابنكما الذى تقولان أنه ولد أعمى ، فكيف يبصر الآن ؟ " يو 9 : 19

إذ لم يحتمل هؤلاء القادة نور الحق قدموا سؤالا للوالدين فى اسلوب يحمل عجرفة وتهديدا ، فلم يكتفوا بالشر ، وإنما بثوا الرعب وسط الشعب لكى يشاركوهم جحودهم للمسيا ورفضهم للحق الإلهى .

" أجابهم أبواه وقالا : نعلم أن هذا ابننا ، وأنه ولد أعمى ،

وأما كيف يبصر الآن فلا نعلم ، أو من فتح عينيه فلا نعلم ،

هو كامل السن أسألوه ، فهو يتكلم عن نفسه ،

قال أبواه هذا ، لأنهما كانا يخافان من اليهود ، لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا ،

أنه إن اعترف أحد بأنه المسيح يخرج من المجمع ،

لذلك قال أبواه : إنه كامل السن اسألوه " يو 9 : 20 – 23

لم يخجل والداه من الأعتراف بأنه ابنهما الذى بسبب الفقر مع العمى كان يستعطى ، وإذ لم يكونا شاهدى عيان لشفائه تهربا من الأجابة عن كيفية إبصاره خشية طردهما من المجمع ، استخدما الحكمة البشرية ففقدا نعمة الشهادة للسيد المسيح ، وحرما من تقديم ذبيحة شكر وشهادة حق لصانع الخيرات ، خشيا البشر فنصبا شركا لنفسيهما ولأبنهما ، الطرد من المجمع يعنى عزله عن جماعة المتعبدين وهو أقل أنواع الحرومات عند اليهود ، كان عقوبة الأعتراف بيسوع أنه المسيح هى الطرد من المجمع ، إذ يحسب كمن ارتد عن الأيمان اليهودى ، ويحسب متمردا وخائنا للقيادة الدينية ، بطرده يدرك الشخص أنه غير أهل لكرامة الأنتساب إلى شعب الله ، وعجزه عن التمتع بامتيازات إسرائيل .

" فدعوا ثانية الأنسان الذى كان أعمى ، وقالوا له :

اعط مجدا لله ، نحن نعلم إن هذا الأنسان خاطىء ،

فأجاب ذاك وقال :

أخاطىء هو لست أعلم ، إنما أعلم شيئا واحدا ،

إنى كنت أعمى والآن أبصر " يو 9 : 24 – 25

استدعوا الأعمى للمرة الثانية وتعاملوا معه بوقار شديد فى البداية ليكسبوه فى صفهم ، قالوا له : " اعط مجدا لله " ، أرادوا أن يتشبهوا بيشوع عندما حكم على عاخان بالرجم إذ سأله أولا : " اعط مجدا للرب " ( يش 7 : 16 ) ، .... سبق أن أعلن السيد المسيح مجاهرة : " من منكم يبكتنى على خطية ؟ " فى حضوره لم يجسر أحد أن يتهمه ، لكن من ورائه كانوا يقولون : " نحن نعلم أن هذا الأنسان خاطىء " ... لم يشغل هذا الفقير أن يسر القيادات الدينية ولا أن ينال منهم كرامة ، إنما فى بساطة نطق بالحق ، فصار شاهدا حقيقيا لشخص السيد المسيح .

كأنه يقول لهم أن شخصية من شفانى ليست موضوع حوار وجدال ، فأنا فى غنى عن هذا الجدال ، عمله لا يحتاج إلى حوار ، ما أعرفه أننى كنت أعمى والآن أبصر ... أرادوا تحويل عمل المسيح إلى حوارات تناقشها الجماهير فتنشغل بالحوار لا بالشركة الحية مع المسيح ، أما المولود أعمى ففضل خبرة الحياة الجديدة المستنيرة عن الأنشغال بمناقشات غبية .

" فقالوا له أيضا : ماذا صنع بك ؟

كيف فتح عينيك ؟ أجابهم : قد قلت لكم ولم تسمعوا ،

لماذا تريدون أن تسمعوا أيضا ؟

ألعلكم أنتم تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ " يو 9 : 26 – 27

جاءت إجابته تحمل روح الصراحة والشجاعة والشهادة الحية للسيد المسيح ، كما جاء سؤاله لهم فاصلا أن يختاروا أحد أمرين : التلمذة للسيد المسيح كما يتتلمذ هو على يديه ، أو وقف الحوار معه ، فإنه ليس من مجال للحوار .

" فشتموه ، وقالوا :

أنت تلميذ ذاك ، وأما نحن فإننا تلاميذ موسى

نحن نعلم أن موسى كلمة الله ، وأما هذا فما نعلم من أين هو " يو 9 : 28 – 29

إذ لم يستطيعوا مقاومة الحق لجأوا إلى لغة الشتيمة ، وهذا ما يتوقعه كل من يلتصق بالحق .

فى استخفاف قالوا له : " أنت تلميذ ذاك " ، إذ لم يكن بعد قد رآه ، ولا سمع لعظاته ، لكنهم حسبوه تلميذه لأنه يشهد له ، أما هو فكان يعتز بأن يكون تلميذه .

كانوا يفتخرون بعلاقتهم بموسى النبى كمعلم لهم ، فلا يحتاجون إلى معلم آخر ، ولا يطلبون ذلك . سبق أن افتخروا أمام السيد المسيح أنهم أبناء إبراهيم ، والآن يعتزون بأنهم تلاميذ موسى ، مع أنهم كانوا بأعمالهم وفكرهم غرباء عن إبراهيم وعن موسى ، لو كانوا بحق أبناء إبراهيم لرأوا معه يومه وتهللوا ( يو 8 : 56 ) ، ولو كانوا بالحق تلاميذ موسى لألتصقوا بالسيد المسيح الذى تنبأ عنه موسى ، عوض مقاومتهم .

" أجاب الرجل وقال لهم :

إن فى هذا عجبا ، أنكم لستم تعلمون من أين هو ، وقد فتح عينى ،

ونعلم أن الله لا يسمع للخطاة ،

ولكن إن كان أحد يتقى الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع " يو 9 : 30 – 31

دهش الأعمى لإحساسهم بأن يسوع غريب عن الخدمة الإلهية ، وقد فعل ما لم يفعله موسى النبى ، تفتيح عينى إنسان مولود أعمى ، لقد عرفت المدينة كلها بالمعجزة ، لأنه كان يستعطى وكثيرون من كل نواحى المدينة رأوه وتيقنوا أنه أعمى طول الماضى ، وها هو يقف ويسير شاهدا بعمل السيد المسيح الفائق .

" منذ الدهر لم يسمع أن أحدا فتح عينى مولود أعمى ،

لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا ، أجابوا وقالوا له :

فى الخطايا ولدت أنت بجملتك ،

وأنت تعلمنا ، فأخرجوه خارجا " . يو 9 : 32 – 34

قدم الأعمى نتيجة صادقة ، وهى أنه لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا لأنه ينبوع كل صلاح ، ليس من صلاح يمكن أن يتحقق بدونه . إذ لم يكن لديهم القدرة على الرد عليه ، استخدموا سلطانهم بحرمانه وطرده . احتقروه وأهانوه ، استخفوا بكلماته وهم فى دهشة : كيف يقف هذا الغبى الأمى الذى يجهل حتى نور الشمس إذ لم يره من قبل والذى يجلس يستجدى أن يحتل مركز المعلم بالنسبة لقادة الفكر والعلم ؟ أخرجوه خارج لكنهم لم يعزلوه عن الشركة مع المسيح ، ظنوه غير أهل للعضوية الكنسية اليهودية ، ولم يدركوا أنه يتأهل للعضوية فى جسد المسيح .

حوار بين المسيح والأعمى :

" فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجا ، فوجده وقال له : أتؤمن بابن الله ؟

أجاب ذاك وقال : من هو يا سيد لأومن به "

فقال له يسوع : قد رأيته ، والذى يتكلم معك هو هو ،

فقال أؤمن يا سيد وسجد له " يو 9 : 35 – 38

واضح أن السيد المسيح كان كمن يبحث عنه ليجده ، وجده إله المطرودين والمرذولين وأب الأيتام وقاضى الأرامل ، والمهتم بمن ليس لهم من يسأل عنه .

الذين يعانون من الأمور المرعبة والشتائم بسبب الحق والأعتراف بالمسيح هؤلاء يكرمون على وجه الخصوص ....

لقد أخرجه اليهود خارج الهيكل ، ورب الهيكل وجده ،

لقد عزل من الصحبة المهلكة ، والتقى بينبوع الخلاص ،

أهانه الذين أهانوا المسيح ، فكرمه رب الملائكة ،

هكذا هى مكآفات الحق .

جاء السيد المسيح للأعمى ليشبع احتياجاته ، ويملأ أعماقه بالحب الإلهى .

فتح السيد المسيح عينى الأعمى لكى ينظر إليه الأعمى ويراه ، إن كان تفتيح العينين قد أبهجا هذا الأعمى ، فإن رؤيته لأبن الله أعظم جدا من تمته بالعينين الجسديتين . رؤيته لأبن الله أبهجت قلبه أكثر من كل أنوار العالم ، وها نحن بالأيمان نتمتع بالبصيرة الداخلية ، فننعم برؤية السيد المسيح ، وندرك سره كأبن الله الوحيد الجنس ، حقا يستطيع أن يترنم مع المرتل قائلا : " بنورك يارب نعاين النور " ( مز 36 : 9 ) .

" سجد له " إذ لم يقدم له تكريما كما لأنسان ليعبر عن شكره له ، لكنه قدم له سجودا لائقا بالعبادة لله . هكذا عبر عن إيمانه بالشهادة العلنية دون خوف ، والعبادة لله بروح التواضع .

حوار بين المسيح والفريسيين :

" فقال يسوع : لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم ،

حتى يبصر الذين لا يبصرون ، ويعمى الذين يبصرون ،

فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين وقالوا له :

ألعلنا نحن أيضا عميان ؟ " يو 9 : 39 – 40

لقد سجد الأعمى عند قدمى ربنا يسوع يعلن إيمانه به أنه ابن الله ، أقول أنه مشهد سحب أنظار السمائيين وهم يرون إيمان هذا الأنسان الصادق مع نفسه ومع مقاومة أعلى درجات القيادة الدينية للحق ، إنه منظر يفرح قلب السيد المسيح ، ليس لأحتياجه إلى من يشهد له ، ولكن لأنه يود أن يتمتع الكل بالنور السماوى .

لقد سبق فأعلن السيد أنه ما جاء إلى العالم ليدينه بل ليخلصه ( يو 3 : 17 ) لكنه إذ يشرق بنوره على الجالسين فى الظلمة بنوره يصير المستنيرون علة دينونة للذين أحبوا الظلمة أكثر من النور ( يو 3 : 19 ) إنهم يدينون أنفسهم بأنفسهم ، لأنهم حتى يتعثرون ويسقطون فى الحفرة ، إذ هم : " عميان قادة عميان " ( مت 15 : 14 ) .

" قال لهم يسوع :

لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ،

ولكن الآن تقولون إننا نبصر ، فخطيتكم باقية " . يو 9 : 41

لو أنهم اعترفوا بجهلهم لما سقطوا تحت الحكم ، لكن أفواههم تشهد ، فقد ادعوا أنهم مبصرون ، قادرون على إدراك الحق وتمييزه عن الباطل ، أدعوا أنهم مبصرون ، يرون الحق الإلهى ويفهمون الشريعة والنبوات ، لذا أغلقوا على أنفسهم ، وصارت خطيتهم باقية .


هب لى يارب البصيرة الداخلية !

+ عيناك بالحب تتطلعان إلى ، كما إلى المولود أعمى !

ورثنا عن أبينا آدم عمى البصيرة ، فلم نعد نتمتع بجمال بهائك !

+ أنت هو النهار الذى لا يكف عن أن يعمل ،

أنت النور الذى يبدد الظلمة التى فى !

لتشرق على بنورك ، فأصير أبنا للنهار ،

ولا تغرب عنى يا شمس البر !

+ مع المولود أعمى لا أخشى الطرد ،

إذ يرفضنى الجميع تتراءى أنت لى ،

وإذ أطرد خارجا ، أجدك حاملا للصليب خارج المحلة ، أنت إله المطرودين والمرذولين .


+ + +


 Copy Rights© Reserved  for youth services in Nashville  2009

Designed By  Mina Bebawi