Coptic Orthodox Diocese of the Southern United States

البكور. العشور. و النذور
حقاً يا رب من يدك أعطيناك، فكل ما نقدمه من عشور و بكور أو نذور فهو من عطاياك يارب يا من تعطي بسخاء و لا تعير، فلم تأتي إلى العالم بشيء و واضح أننا سنخرج منه بلا شئ. نحن وكلاء على عطاياك يا رب.
v  لكن العجب أن الله له المجد حينما يطالبنا و يوصينا بدفع و تقديم هذه العطايا فيكلمنا كأننا نملك شئ من ذاتنا بل و أعجب من ذلك يعتبر الله أن هذه العطايا قرض "من يعطي الفقير يقرض الرب" بل أنه لا ينسى و لو كأس ماء بارد نقدمه. و الكنيسة تصلي من أجل كل من يقدم شيئاً "أذكر يا رب الذين قدموا هذه القرابين و الذين قدمت عنهم و الذين قدمت بواسطتهم أعطهم كلهم الأجر السمائي" و في أوشية القرابين "أعطهم الباقيات عوض الفانيات الأبديات عوض الأرضيات بيوتهم و مخازنهم املأها من كل الخيرات"
v   و الكنيسة إذ تذكرنا اليوم بوصايا الله الخاصة بالبكور و العشور و النذور فإنما تشعر أن النمو في العطاء لن يأتي إلا إذا أعطينا أنفسنا للرب أولاً حينئذ لن يكون العطاء صعباً بل سهلاً بل يحتاج المؤمن أنه "كما يزداد في الإيمان و الكلام و العلم و كل اجتهاد و في المحبة كذلك يزداد في هذه النعمة-نعمة العطاء أيضاً" (2 كو 8: 5 – 9). حقاً من يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد و من يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد لأن المعطي المسرور يحبه الرب." (2 كو 9: 6 – 8) و حينما أرسل مؤمني كنيسة فيلبي إلى الرسول بولس مرة و مرتين لحاجته قال لهم: "ليس أني أطلب العطية بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم"–العطاء ثمر الإيمان و هو لحسابنا عند الله-ثم وصف العطايا بأنها نسيم رائحة طيبة ذبيحة مقبولة مرضية عند الله و يصلي من أجلهم قائلاً "فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع" (في 4: 17 – 19).
و هذه هي وصية الرب من جهة البكور: لأن لي كل بكر – من الناس و من البهائم، أول أبكار أرضك تحضره إلى بيت الله" (عد 8: 17، خر 13: 19). و بالمثل أول مرتب و أول إنتاج تجاري أو أول علاوة...الخ
و من جهة النذور: "أنذروا و أوفوا للرب إلهكم" (مز 76: 11). "و أوف العلي نذورك"
(مز 50: 14) إذا نذرت نذراً لله فلا تتأخر عن الوفاء به لأنه لا يسر بالجهال فأوف بما نذرته أن لا تنذر خير من أن تنذر و لا تفي" (مز 5: 4، 5)
أما العشور: فالوصية تقول "تعشيراً تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة (تث 14: 22) و كل عشر الأرض من حبوب الأرض و أثمار الشجر فهو للرب قدس الرب (مخصص للرب) (لا 27: 30) و قد أخذ اللاويين الذين يأخذون الكهنوت وصية أن يعشروا الشعب بمقتضى الناموس (عب 7: 9) كل ما يقتني الإنسان. سواء أرض أو مواشي أو تجارة أو مرتب. حتى اللاويين أنفسهم اللذين يأخذون العشور كانت الوصية لهم أن يعشروا ما قد أخذوه "متى أخذتم....العشر الذي أعطيتكم إياه من عندهم نصيباً لكم ترفعون منه رفيعة للرب عشراً من العشر هكذا ترفعون أنتم أيضاً رفيعة للرب من جميع عشوركم التي تأخذونها (عد 18: 25-28) فحتى الخدام و الكهنة يقدمون العشور فهي وصية الجميع.
و يوصينا الله أن نقدم العشور قائلاً "هاتوا العشور إلى الخزانة ليكون في بيتي طعام" (ملا 2: 8) و تعطي للاوي -الخدام- و الغريب و اليتيم و الأرملة (تث 26: 12) تقدم في المكان الذي يختاره الرب إلهك (أي الكنيسة) (تث 12: 8)
v  و حينما كان يبتعد الشعب في القديم عن عبادة الله كان من ضمن علامات التوبة و الرجوع تقديم العشور كما حدث مثلاً في عهد حزقيا الملك إذ يقول الكتاب "و أتول بعشر الجميع بكثرة....و الساكنون في مدن يهوذا أتوهم أيضاً بعشر البقر و الضأن و عشر الأقداس المقدسة للرب إلههم" (2 أخ 31: 5، 6) كذلك في عهد نحميا حينما تعاهد الشعب و حلف أن يسير طبقاً لوصايا الله قالوا في العهد "و أن نأتي.....بعشر أرضنا إلى اللاويين و اللاويون هم الذين يعشرون في جميع مدن فلاحتنا و يكون الكاهن ابن هرون مع اللاويين حين يعشر اللاويون و يصعد اللاويون عُشر الأعشار إلى بيت إلهنا إلى المخادع إلى بيت الخزينة" (نح 10: 37، 38) و فعلاً أتى كل يهوذا بعشر القمح و الخمر و الزيت إلى المخازن" (نح 13: 12)
v  و قد اعتبر الله أن عدم دفع العشور أو تقديمها سلب لله بل سبب لعنة فيقول الرب "أيسلب الإنسان الله؟ فإنكم سلبتموني فقلتم بما سلبناك؟ في العشور و التقدمة. لقد لعنتم لعناً و إياي أنتم سالبون هذه الأمة كلها. هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام" ثم يقول لنا كلاماً عجيباً "جربوني بهذا قال رب الجنود إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات و أفيض عليكم بركة حتى لا توسع (أي لا يكون لنا مكان أو متسع لكيما نأخذ بركات أخرى) و أنتهر من أجلكم الآكل (الآفات) فلا يفسد لكم ثمر الأرض و لا يعقر لكم الكرم في الحقل قال رب الجنود" ملا 3: 8-11)
v  لكن في العهد الجديد أصبح العطاء و التقدمات ليست العشور و البكور فقط بل قال الرب "بيعوا أمتعتكم و أعطوا صدقة (لو 12: 33) أي حتى الأمتعة الخاصة بالمعيشة لو بعناها و أعطيناها صدقة لحسن ذلك و قال الرب و كل من سألك فأعطه (لو 6: 30)، "إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب و بع أملاكك و أعط الفقراء فيكون لك كنزٌ في السماء و تعال اتبعني" (مت 16: 21) و قد مدح الرب يسوع الأرملة التي جاءت و ألقت فلسين قيمتهما ربع فدعا تلاميذه و قال لهم "الحق أقول لكم أن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة لأن الجميع من فضلتهم ألقوا و أما هذه فمن أعوازها ألقت كل ما عندها كل معيشتها"             (مر 12: 41-44).
v   ليت الرب يحرك قلوبنا لتنفيذ وصيته حتى ننال بركتها التي وعد بها و ننجو من الإهمال و ما يتبعه من خسارة روحية أبدية له المجد إلى الأبد آمين.